logo
الأرشيف السوري
logo
الأرشيف السوري

التحقيقات

مقتل طفلتين في قصف مدفعي موجه على منزل مدني في بليون

٧ كانون الأول ٢٠٢٣

اطبع المقال

بالتعاون مع فوكس حلب

حول الحادثة:

  • مكان الحادثة: جبل الزاوية -بريف إدلب
  • موقع التأثير: قرية بليون -منزل متطوع في الدفاع المدني
  • التاريخ: 3 تمّوز/ يوليو 2021
  • التوقيت: بين الساعة 5:45 إلى 6:15 صباحاً بالتوقيت المحلي
  • الضحايا: طفلتان
  • المصابون:متطوع في الدفاع المدني وزوجته، والدا الطفلتين
  • نوع الحادثة: قصف مدفعي
  • الذخائر المستخدمة المحتملة: قذائف مدفعية موجهة بالليزر “كراسنوبول”
  • المسؤول المحتمل: الحكومة السوريّة أو الروسية

مقدمة 

ولدت الطفلة نور الإيمان بعد أسابيع من مقتل أختيها بقصف طال منزلهما وإصابة والديهما في هجوم مزدوج بقذيفتين يرجح أنهما ليزريتان من نوع كراسنوبول، لتحمل المولودة الجديدة اسمهما معاً. إيمان ونور العمر طفلتان قتلتا وهما نائمتان بين الساعة 5:45 إلى 6:15 من صباح يوم 3 تموز/ يوليو 2021.  “حياة جديدة مقابل موت”، يقول والد الطفلتين في تسجيل صوتي مع فريق فوكس حلب عبر واتس آب، مؤكداً استمراره في عمله كمتطوع في الدفاع المدني لقرية بليون بريف إدلب الجنوبي منذ تأسيسه. أسفر الهجوم عن دمار شبه كامل في المنزل الذي تسكنه العائلة، ويوضح  تقرير للدفاع المدني (الخوذ البيضاء) نشر في 17 مايو 2022، والذي ورد ذكر حادثة بليون ضمنه، التأثير الشديد لقذائف كراسنوبول على حياة المدنيين وقدرتها على اختراق الجدران وإحداث ضرر كبير فيها، إذ وثق التقرير أن معظم المباني التي استهدفت بهذا النوع من الذخائر قد دمّرت بالكامل.

الهجوم على منزل عمر كان واحدًا من 63 هجوماً قال الدفاع المدني إنها بالقذائف الليزرية كراسنوبول  وثقها خلال عام 2021. وفق تقرير للخوذ البيضاء، فقد طالت هجمات كراسنوبول 43 منزلاً، 11 حقلاً زراعياً، مبنَيين عامَين، قسمَي شرطة، مركزاً طبياً، مستشفى، مركزاً للخوذ البيضاء، ومخيماً. وفي حين أن هجمات كراسنوبول شكلت 4% من الهجمات التي استجاب لها الدفاع المدني خلال العام ذاته، إلا أنها  تسببت بمقتل ما يزيد عن 20% من الضحايا (70 ضحية بينهم 29 طفلاً)، وأكثر من 10% من الإصابات (102 جريحاً بينهم 33 طفلاً) من إجمالي ضحايا الهجمات على المنطقة في عام 2021، بحسب المصدر نفسه.

أظهرت فيديوهات وصور و بلاغات على وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الإخبارية، إضافة لمراصد الطيران، القصف على منزل المتطوع في الدفاع المدني عمر العمر في قرية بليون، حجم الدمار، القصف الثاني وهروب المستجيبين الأوائل من المكان، جهة القصف، إضافة لبقايا شظايا القذائف المستخدمة والتي تتطابق مع نوع القذائف الليزرية كراسنوبول، نزوح السكان بعد الهجمات على المنطقة.

المنهجية

أجرى فريق التحقيق تحقيقاً حول الحادثة اعتماداً على:

  • إفادات شهود عيان، ووالد الضحيتين، من قبل فريق فوكس حلب
  • حفظ، تحليل، والتحقق من 34 مقطع فيديو وصورة حُمّلت على شبكات التواصل الاجتماعي، قيل إنها تظهر مكان التأثير في القصف الذي تسبب بمقتل الطفلتين.
  • زيارة فريق فوكس حلب لمكان الهجوم، وعبر 37 فيديو وصورة، راعى خلالها توثيق المكان، تحديد مكان وجهة سقوط القذائف، إضافة لتقدير حجم الدمار في المكان.
  • مقارنة الصور والفيديوهات الخاصة بتلك التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديد المسؤولين المحتملين ومكان انطلاق الصواريخ، وفقاً لصور بقايا الذخائر المستخدمة ومداها المجدي وجهة الإطلاق.

وكان هذا التحقيق خلاصة مراحل متعددة من التحليل للمصادر المتاحة والخاصة، زودت المصادر المتكاملة فيما بينها، الفريق بمعلومات مرتبطة بتاريخ الهجوم، توقيته، موقعه، الإصابات والأضرار الناجمة عنه. للاطلاع على منهجية البحث في الأرشيف السوري، يرجى زيارة موقعنا.

قرية بليون 

تقع قرية بليون في منطقة جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، وشهدت، وفقاً لمقابلات سابقة تضمّنها تحقيق للأرشيف السوري؛ حركة عمرانية قبل عام 2020 لاستقبال النازحين إليها من مناطق عديدة، لكن قسماً كبيراً من سكانها الذين يقدر عددهم في ذلك الوقت بنحو 30 ألفاً نزحوا منها منذ بداية عام 2020.

صور من الأقمار الصناعيّة لقرية بليون التقطها الأرشيف السوري بتاريخ 25 يوليو 2023

مع سيطرة قوات الحكومة السورية وحلفائها على مناطق مهمة في المنطقة، مثل معرة النعمان وكفرنبل، أكبر المدن في جبل الزاوية ومحيطه، تحولت قرى جبل الزاوية، ومنها بليون، إلى خط تماس مع تلك القوات. إذ لا تزيد المسافة بين بليون وتجمعات قوات الحكومة السورية عن خمسة عشر كيلو متراً، ما جعلها عرضة للقصف المستمر بقذائف المدفعية والغارات الجوية، وأدى إلى دمار كبير في البلدة و نزوح معظم سكانها.

2021balyoun33

خريطة من مركز جسور للدراسات،  توضح وجود قرية بليون على خطوط التماس مع القوات الحكومية السورية،التقطها الأرشيف السوري  في 20 تموز 2023.  الدائرة السوداء توضح قرية بليون حددها الأرشيف السوري

يعتمد سكان بليون في حياتهم اليومية على الزراعة، وهو سبب عودة قسم من السكان إلى القرية خلال أشهر الصيف لقطاف مواسمهم والعناية بأراضيهم.

تتبع بليون إلى منطقة أريحا والتي تعرضت هي الأخرى خلال الأشهر السابقة من حادثة بليون إلى قصف متواتر، إضافة لمعظم قرى جبل الزاوية، وجميعها تقع جنوب الطريق الدولي M4، وضمن مناطق خفض التصعيد التي رسمت في الجولة السادسة من مسار أستانا في العام 2017، باتفاق روسي تركي، كذلك تقع ضمن اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته الدولتان في 5 مارس 2020.

لقطات شاشة  من موقع الجزيرة التقطها الأرشيف السوري في 4 تموز/ يوليو 2023 تبين مناطق خفض التصعيد وتغيراتها والطريق الدولي M4 بين عامي 2017 و2020. 

#ماذا حدث ومتى

تعرض منزل المتطوع في الدفاع المدني عمر العمر، شرقي قرية بليون إلى الجهة الجنوبية من الشارع الرئيسي، لقصف مزدوج بقذائف يدّعى أنها ليزرية من نوع كراسنوبول، بين الساعة 5:45 و 6:05 من يوم 3 تموز/ يوليو 2021. أسفر الهجوم عن مقتل طفلتي المتطوع، إيمان ونور، وإصابة والدهما والدتهما.

2021balyoun13

في الأعلى صورة التقطها فريق فوكس حلب في نوفمبر 2021، في الأسفل صورة من جوجل إيرث التقطها الأرشيف السوري في 25 يوليو 2023، توضح المعالم البارزة لمكان الهجوم، اللون الأحمر  للقسم المهدّم من المنزل مكان التأثير في الجهة الشرقية. 2021balyoun29

في الأعلى يمين لقطة شاشة من فيديو غيث السيد للفجوة في سقف المنزل مكان التأثير، أعلى يسار صورة نشرها الدفاع المدني على صفحته توضح الدخان بعد سقوط القذيفة، في الأسفل صورة من جوجل إيرث، التقطهم الأرشيف السوري بتاريخ 25 يوليو 2023.

وتظهر صور أقمار صناعية للمنزل قبل وبعد القصف الدمار الكبير الذي طال المكان

2021balyoun19

لقطة شاشة في الأعلى للمنزل مكان التأثير من جوجل إيرث في يناير 2021 قبل الهجوم، في الأسفل لقطة شاشة للمنزل ذاته من جوجل إيرث في نوفمبر 2021، توضح الدمار في المكان التقطهما الأرشيف السوري في 25 يوليو 2023.

يظهر  مقطع فيديو وصول الدفاع المدني وأوائل المستجيبين إلى موقع التأثير عقب سقوط القذيفة الأولى، ويوثق لحظات سقوط قذيفة ثانية على المكان ذاته. ويسمع في الفيديو صوت أحد الأشخاص وهو يقول “طلعت شباب” في إشارة للقذيفة الثانية، ومن ثم تُظهر لقطات هروب المدنيين والمتطوعين واحتمائهم في منزل مجاور أو في الأراضي الزراعية القريبة من مكان الهجوم ، ليظهر بعد ذلك دخان متصاعد بعد سقوط القذيفة الثانية، ويناشد عناصر الدفاع المدني عبر القبضة اللاسلكية لإرسال سيارة (فان) إلى المكان الذي حدده الصوت ببيت (العمر). يظهر الفيديو أيضًا نجاة طفل اتضح أنه محمد شقيق الفتاتين اللتين قتلتا في الهجوم وعليه آثار الغبار . نشرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان فيما بعد صورًا تظهر موقع التأثير وعمليات الإنقاذ.

2021balyoun31

صورة  من موقع الشبكة السورية لحقوق الإنسان تظهر المنزل الذي تعرض للقصف في قرية بليون التقطها الأرشيف السوري في آب 2022.

لقطات شاشة من فيديو  نشره الدفاع المدني على صفحته في فيسبوك توضح دخاناً متصاعداً بعد سقوط قذيفة وهرب المتطوعين من المكان، ونجاة الطفل محمد وعليه آثار الغبار. التقطها الأرشيف السوري بتاريخ 25 يوليو 2023.

قام فريق التحقيق بتحليل المعالم البارزة في الفيديو ومقارنتها مع صور خاصة للمكان إضافة لصور الأقمار الصناعية، والتأكد من المكان الذي سقطت فيه القذيفة والذي يظهر في الفيديو، إضافة لصورة الطفل محمد ووالده، كذلك المنزل الذي لجأ إليه المتطوعون للاحتماء من القذيفة الثانية.

2021balyoun22

لقطة شاشة من فيديو نشره الدفاع المدني على صفحته في فيسبوك لأشخاص وهم  يهربون لحظة سقوط القذيفة الثانية، الصورة ملتقطة من طرف المنزل مكان التأثير  وتبيّن المنزل المجاور له، التقطها الأرشيف السوري بتاريخ 25 يوليو 2023.

2021balyoun23

لقطات شاشة من فيديو  نشره الدفاع المدني تظهر  المنزل المستهدف من حديقة المنزل المجاور التقطها الأرشيف السوري بتاريخ 25 يوليو 2023.

2021balyoun45

المسار الذي سلكه المصور أثناء هربه من الهجوم أنشأه الأرشيف السوري بناء على تحليل فيديو الدفاع المدني

الإبلاغ عن الهجوم 

نقل سعد الدين الزيدان خبراً على صفحته في فيسبوك أفاد بمقتل أشخاص بقذائف ليزرية تزامن مع وجود طائرات استطلاع في المكان في قرية بليون عند الساعة 7:07، كذلك نشر محمد أحمد غريب المتطوع في الدفاع المدني تعازيه لعمر العمر، وأفاد خبر نشره محمود ضبعان على صفحته في فيسبوك مقتل شخصين في بليون بقذائف حددها بنوع كراسنوبول.

توالت البلاغات عن الحادثة، إذ يظهر فيديو للدفاع المدني مكان الهجوم، ويروي عنصر الدفاع المدني في الفيديو  “تعرض منزل مدني في قرية بليون صباحاً للهجوم، ومقتل طفلتين داخله وإصابة والدهما ووالدتهما”، تأكد فريق التحقيق من المعالم البارزة في الفيديو وتطابقها مع الصور التي وثقها لمكان التأثير.

ونقلت وكالة الأناضول عبر فيديو مشاهد وصول أطفال إلى المستشفى بعد القصف المنطقة، حيث تعرضت إبلين ومشون وبليون للقصف في اليوم ذاته وفقًا للمصدر نفسه.

ونشر الإعلامي غيث السيد مقطع فيديو، مع شعار أسوشيتيد برس، يظهر لقطات جوية للمنزل المدمر في قرية بليون، وإفادة عنصر من الدفاع المدني تحدث فيها عن هجوم على قرية بليون وثلاثة قرى أخرى (ابلين -بسامس -مشون) بقذائف وصواريخ موجهة أسفرت عن مقتل ثمانية أشخاص وجرح تسعة آخرين.

2021balyoun21

لقطة جويّة من تقرير أسوشيتد برس للمنزل مكان التأثير  في قرية بليون التقطها الأرشيف السوري  بتاريخ 25 يوليو 2023

2021balyoun17

تحليل صورة اللقطة الجويّة من تقرير أسوشيتد برس للمنزل مكان التأثير في قرية بليون ومطابقته مع صور الأقمار الصناعيّة 

وأظهر  مقطع فيديو أعده الدفاع المدني لحظات ما بعد القصف، ودفن الطفلتين، وصوراً للطفلتين إيمان ونور قبل مقتلهما، كذلك نقل صوراً للمنزل المهدم.

صورتان للطفلتين اللتين قتلتا في القصف إيمان ونور برفقة والدهما من صفحة الدفاع المدني التقطهما الأرشيف السوري في آب 2022

رائد الصالح مدير منظمة الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) نقل عبر تغريدة على حسابه في تويتر تعازيه للمتطوع عمر العمر بمقتل طفلتيه، وإصابته وزوجته بالقصف الذي طال قرية بليون في 3 تموز/ يوليو 2021. في اليوم نفسه، نشرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في موقعها الالكتروني خبراً عن هجوم على قرية بليون في اليوم ذاته، ومقتل الطفلتين نور وإيمان، وتحدثت عن القصف الذي عدته خرقاً لاتفاق الهدنة الموقعة في 6  آذار / مارس 2020، ونقلت صوراً لمكان الهجوم وبقايا القذائف المستخدمة فيه.

حلل فريق التحقيق المعالم البارزة الظاهرة في الفيديوهات، وقارنها بصور الأقمار الصناعية والصور التي وثقها فريق فوكس حلب، وخلص الفريق إلى أن المنزل المستهدف كان أول المنازل من الجهة الشرقية الجنوبية لقرية بليون، تحيط به أراض زراعية من الجهات الجنوبية والغربية والشرقية، ويمتد بشكل مكشوف على سهل بمساحة واسعة.

2021balyoun34

لقطة شاشة من جوجل ماب، الدائرة البرتقالية للمنزل الذي تعرض للقصف وضعها الأرشيف السوري على الصورة التي التقطها في 6 ديسمبر 2023

تحديد التوقيت

أشار عمر العمر، والد الضحيتين والمتطوع في الدفاع المدني خلال حديثه مع فريق فوكس حلب أن القذيفة سقطت نحو الساعة  6:00 صباحاً من 3 يوليو 2021.

يوافق الوقت الذي حدده العمر البلاغات المنشورة في مرصدي جسر الشغور والأحرار للطيران على تلغرام، إذ تظهر البيانات المنشورة بلاغاً عن إقلاع طائرة استطلاع روسية من حميميم في الساعة 5:21 دقيقة من 3 تموز /يوليو 2021، وتنبيه لقرى بسامس، إبلين، بليون من طائرة استطلاع روسية في حالة الدوران عند الساعة 5:39، وتحديداً فوق قرية بليون عند الساعة 4:40، و الساعة 4:45.

2021balyoun40 لقطة شاشة من مرصد جسر الشغور للطيران توضح إقلاع طائرة استطلاع من قاعدة حميميم ووصولها أجواء جبل الزاوية ومنها قرية بليون عند الساعة 5:39 صباحاً، التقطها الأرشيف السوري  بتاريخ 25 يوليو 2023.

2021balyoun05

لقطة شاشة  مرصد جسر الشغور للطيران تعطي تحذيراً من وجود طيران استطلاع دوران في  قرية بليون بين الساعة 5:40 و 5:45 صباحاً، التقطها الأرشيف السوري  بتاريخ 25 يوليو 2023.

مرصد الأحرار للطيران نقل بلاغاً عن وجود طائرات استطلاع بحالة الدوران فوق قرية بليون عند الساعة 5:45، وحذّر محيط بليون مكان سقوط الرمايات عند الساعة 6:04 دقائق، قبل أن ينقل خبر مقتل شخصين في قرية بليون عند الساعة 7:17 دقيقة.

2021balyoun01

لقطة شاشة من  مرصد الأحرار للطيران تحدثت عن وجود طيران استطلاع وتحذير مكان سقوط الرمايات في قرية بليون التقطها الأرشيف السوري  بتاريخ 25 يوليو 2023.

وأبلغ مرصد سوريا عن طائرة استطلاع فوق جبل الزاوية الذي يضم قرية بليون عند الساعة 5:39 دقيقة من يوم 3 يوليو 2021.

2021balyoun36

لقطة شاشة من مرصد سوريا تظهر وجود طائرة استطلاع فوق جبل الزاوية عند الساعة 5:39 دقيقة من 3 يوليو 2021 التقطها الأرشيف السوري بتاريخ 25 يوليو 2023.

لمزيد من التحقق من توقيت الحادثة، تم تحليل موقع الشمس الظاهر في عدة مواد نُشرت على الإنترنت حول الحادثة، ومن بينها فيديو الدفاع المدني. حيث توضح صور من فيديو الدفاع المدني لمكان الهجوم مكان الشمس أثناء سقوط القذيفة وهرب المستجيبين والدفاع المدني من المكان.

لقطتا شاشة من فيديو الدفاع المدني تظهر فيها الشمس في لحظات الشروق الأولى التقطها الأرشيف السوري بتاريخ 25 يوليو 2023.

باستخدام أداة  SunCalc لحساب موقع الشمس ومقارنتها مع فيديو نشره الدفاع المدني؛ يتطابق موقع الشمس في اللقطات مع موقع الشمس الظاهر في SunCalc بين الساعة 5:45 - 6:15 بتوقيت دمشق في منطقة تصوير الفيديو من يوم 3 يوليو  2021.

2021balyoun08

في الأعلى صورتان من فيديو الدفاع المدني لمكان الهجوم وظهور أشعة الشمس ومطابقتها بصورة أقمار صناعية من جوجل إيرث، التقطها الأرشيف السوري  بتاريخ 25 يوليو 2023.

2021balyoun09

صورة من  SunCalc لموقع الشمس والظلال في المنزل الذي تعرض للقصف  حوالي الساعة 6:15 بتوقيت دمشق من يوم 3 يوليو 2021 التقطها  الأرشيف السوري  بتاريخ 25 يوليو 2023.

من خلال تحليل الفيديوهات، البلاغات، وإفادات الشهود لموقع فوكس حلب وتلك المنشورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى موقع الشمس في الصور الملتقطة وقت الحادثة، فإنه يمكن ترجيح وقوع الحادثة بين الساعة 5:45 و 6:15 من صباح يوم 3 تموز 2021.

الدمار الناجم عن القصف 

صور أقمار صناعية من ديجيتال غلوب لموقع التأثير قبل وبعد الحادثة تظهر الدمار في المنطقة.

زار فريق فوكس حلب مكان الهجوم وتوصل عبر مقاطع الفيديو والصور إلى وجود دمار كبير في المنزل الذي تعرّض للقصف، إذ توضح هذه المقاطع دماراً في القسم الشمالي الشرقي  مع الوجيبة والشرفة لمنزل عمر العمر، وسقوط سقف الغرفة، إضافة لدمار جزئي في الأعمدة الخرسانية. ما يدل على شدة الانفجار الذي أحدثته القذيفتان.

صور من زيارة موقع فوكس حلب للمنزل الذي تعرض للقصف في قرية بليون التقطت في تشرين الثاني 2021

وتظهر فيديوهات نشرت في الساعات التي تلت الهجوم، من قبل عمر حاج قدور، موقع SY، أسوشيتد برس، إضافة للدفاع المدني، الدمار الكبير الذي طال المنزل، وانهيار سقف الغرفة قبل إزالة الأنقاض من المكان، فجوات في جدران المنزل، إضافة لكميات كبيرة من الردم والحجارة، وتضرر دراجة نارية، والأثاث المنزلي، كذلك البنى الداخلية الداعمة للسقف.

صور جويّة من قناة عمر حاج قدور  للمنزل الذي تعرض للقصف التقطها الأرشيف السوري في آب 2021

الضحايا 

قتلت الطفلتان إيمان (14 عاماً) ونور (7 أعوام) في قصف على منزلهما بقرية بليون 3 تموز /يوليو 2021، وأصيب عمر العمر والد الطفلتين وزوجته في الحادثة.

تأكد فريق التحقيق من أسماء الضحايا، من خلال تطابق وسائل التواصل الاجتماعي، إفادات الشهود، وإفادة والد الضحايا لفوكس حلب.

ويروي عمر العمر، والد الضحيتين والمتطوع في الدفاع المدني خلال حديثه لتلفزيون سوريا، والتي تتطابق في تفاصيلها مع ما ذكره في مقابلة خاصة مع فريق فوكس حلب، يقول “سمعت صوت القذيفة، بدأ صوتها يعلو، تلا ذلك لحظة صمت قبل الانفجار، كنا أنا وزوجتي في الفناء المقابل، شيء ما حال دون وصولي إلى المكان، الغبار كان كثيفاً، استدرت من الجانب الآخر للمنزل كانت الغرفة التي تنام فيها الفتاتين مدمرة، سقفها سقط على الأرض، جدرانها مهدمة، كانت طفلتي الكبيرة إيمان قد استشهدت فوق (الصبة =السقف) عليها آثار تشوهات، بينما الطفلة نور كانت تحت الأنقاض، ومع وصول فرق الدفاع المدني إلى المكان ومحاولة البحث عن نور، خرجت رماية أخرى إلى المكان، ابتعدنا أمتاراً عن المكان، لتسقط القذيفة في المكان ذاته، خرجنا وزوجتي وطفلي إلى المشفى، وهناك أخبرني فريق الدفاع المدني بوفاة طفلتي الثانية”.

السلاح المستخدم المحتمل

أفادت مصادر إعلامية وصحفيون وناشطون ، إضافة للدفاع المدني السوري، أن الهجوم تم بنوع من القذائف الموجهة ليزرياً يعتقد بأنها من نوع كراسنوبول.

وتحدث الدفاع المدني في حسابه على تويتر أن القصف كان مزدوجاً بقذائف موجهة ليزرياً أودت بحياة طفلتي المتطوع عمر العمر.

وأظهر فيديو أسوشيتد برس بقايا قذائف المدفعية التي قصفت المكان، كما أظهرت صور الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما قالت إنه بقايا القذائف في المنزل الذي تعرض للقصف.

لقطات شاشة من فيديو أسوشيتد برس تظهر بقايا أحد الصواريخ المستخدمة التي قصفت منزل عمر العمر في بليون التقطها الأرشيف السوري في 26 يوليو 2023

2021balyoun49

صورة قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إنها لبقايا القذائف في المنزل الذي تعرض للقصف في قرية بليون التقطها الأرشيف السوري في 26 يوليو 2023

2021balyoun12

لقطة شاشة لما يشبه بقايا قذيفة التقطها فريق فوكس حلب  بتاريخ تشرين الثاني 2021 من أمام المنزل الذي تعرض للقصف في قرية بليون

حلّل فريق التحقيق الفيديو والصور المنشورة، ووجد تشابهاً بين بعض هذه الشظايا وصور لقذائف كراسنوبول من حيث الصاعق والجسم الأسطواني و الأرقام المكتوبة على واحدة من الشظايا في الصورة التي نشرتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

ومع ذلك، فإن الاختلافات الظاهرة في صور بقايا الشظايا،  بما في ذلك شكلها ولونها بعد الانفجار، تجعل من الصعب الاستنتاج بشكل قاطع بأن مقذوف كراسنوبول قد تم استخدامه في الهجوم.

2021balyoun39

الصورة في الأعلى من موقع inform Napalm لتحليل قذائف كراسنوبول قيل إنها قصفت على أوكرانيا، أسفل يمين صورة لبقايا قذيفة حصل عليها فريق فوكس حلب خلال زيارته للمكان، الصورة أسفل يسار من الشبكة السورية لحقوق الإنسان لبقايا القذيفة التي سقطت على المنزل في قرية بليون التقطها الأرشيف السوري بتاريخ 25 يوليو 2023

2021balyoun20

صورة لقذيفة مدفعية موجهة بالليزر من سلسلة 3OF-39 ، معروضة في متحف IZHMASH في إيجيفسك ، روسيا (المصدر: فياتشيسلاف بوخاروف).

يوفر سياق إضافي مزيدًا من الأدلة على استخدام قذيفة كراسنوبول في هذه الحادثة. إن وجود طائرات استطلاع فوق منطقة التأثير يتوافق مع استخدام هذا النوع من الذخيرة - إذ أنه إحدى الطريقتين المستخدمتين لتوجيه مقذوفات كراسنوبول الموجهة بالليزر نحو هدفها.أفاد مرصد الأحرار للطيران في الساعة 5:45 بالتوقيت المحلي عبر قناته على تلغرام عن وجود طائرة استطلاع روسية تحلق في أجواء بليون. في الساعة 06:04 بالتوقيت المحلي ، كذلك أفاد مرصد جسر الشغور للطيران في قناته على تلغرام عن وجود طائرة استطلاع روسية في حالة الدوران عند الساعة 5:39، وتحديداً فوق قرية بليون عند الساعة 4:40، و الساعة  4:45 بالتوقيت المحلي.

الجمع بين الأدلة الفنية والسياقية يوحي بأن واحدة على الأقل من المقذوفات المستخدمة في الهجوم على بليون كانت عبارة عن قذيفة موجهة بالليزر.  ومع ذلك ، نظرًا لمحدودية المعلومات المرئية الموجودة في الصور المتاحة لبقايا الذخيرة، إضافة إلى اختلاف أشكال الشظايا الظاهرة في الصور، فإن الأرشيف السوري غير قادر على تحديد نوع كراسنوبول بشكل قاطع (بما في ذلك العيار) أو ما إذا كانت جميع الذخائر المستخدمة في الهجوم من هذا النوع والطراز.

المسؤول المحتمل

تم تحليل صور ما بعد الحادثة واتجاه الدمار وتناثر الأنقاض في محيط المنزل. يمكن ملاحظة أن الجزء الشمالي الشرقي من المنزل هو الذي تعرض للقدر الأكبر من الدمار، كما يمكن رؤية فتحة في الجهة الشمالية الشرقية لما يُحتمل أن يكون مكان اختراق القذيفة للمنزل.

2021balyoun37

صورة جويّة من فيديو نشره عمر حاج قدور  للمنزل الذي تعرض للقصف، يمكن رؤية تركز الدمار في الجهة الشمالية الشرقية من المنزل

علاوة على ذلك، يمكن ملاحظة خطّين من الأنقاض باتجاه الشمال والشرق، قد يكون هذان الخطان هما “الأجنحة” التي تنتشر على يمين ويسار القذيفة لحظة انفجارها، وذلك، بالإضافة إلى دمار الجزء الشرقي من المنزل، يزيد من احتمالية اختراق القذيفة من جهة الشمال الشرقي.

2021balyoun16

صورة جويّة من فيديو نشره عمر حاج قدور  للمنزل الذي تعرض للقصف، تمت إضافة الأسهم لتوضيح الاتجاه المحتمل للقصف

2021balyoun10

صورة توضيحية للأجنحة التي تتشكل عند انفجار القذائف، المصدر مدونة مايكل هيسكي، تم التقاطها من قبل الارشيف السوري في 27 تموز 2023

يصل المدى المتوسط لمقذوفات كراسنوبول إلى 25 كيلو متراً، وهناك، بحسب تقرير لقناة الجزيرة، نوعان مختلفان لمدى هذه القذائف، الأول يبلغ مداه 20 كيلومترًا، والثاني يبلغ مداه 31 كيلومترًا. وتُطلق هذه المقذوفات من المدافع الميدانية، أو من المدافع المحمولة على عربات.

برسم دائرة نصف قطرها 31 كيلو متر، مركزها المنزل الذي تعرّض للقصف، ومطابقة الجهات المحتملة لسقوط القذائف بالفجوة التي تركها في سقف المنزل من الجهة الشرقية الشمالية،  فقد يكون مصدر القذائف من جهة سراقب والتي كانت تحت سيطرة قوات الحكومة السورية بعد أن استعادتها في فبراير 2020.

2021balyoun06 لقطة شاشة لبليون والمناطق المحيطة بها في دائرة نصف قطرها 30 كم التقطها الأرشيف السوري في 27 يوليو 2023 - المصدر غوغل إيرث

وكانت حسابات كل من الدفاع المدني السوري على تويتر، الصحفي مصطفى هاشم، سهيل المحمد،  تلفزيون إدلب، أورينت، الصحفي هادي العبد الله، موسى، إضافة لصفحات تلفزيون سوريا، الدفاع المدني، الدفاع المدني سوريا -محافظة إدلب، الحدث السوري، Syria24، سعد الدين زيدان في فيسبوك قد حمّلت قوات الحكومة السورية وروسيا مسؤولية الحادثة.

على الرغم من ذلك، فإن الصور المرفقة في هذا القسم وفي قسم السلاح المستخدم هي تحليل لما يمكن رؤيته من خلال المعلومات المتاحة عبر الإنترنت بشكل تقريبي، إن المزيد من التحليل يتطلب الاستعانة بمختصين وخبراء في مجال تحليل الدمار والأسلحة لتحديد نوع السلاح المستخدم واتجاه القصف على وجه الدقة بمعاينة موقع التأثير على الأرض.

الخاتمة

من خلال المعلومات المفصلة أعلاه،يمكن التأكيد على أن قصفاً بقذيفتين قد تكون  واحدة منهما على الأقل  موجهة ليزرياً من نوع كراسنوبول، ترافق مع وجود طائرة استطلاع، طال منزل عمر العمر، متطوع في الدفاع المدني، في  قرية بليون بريف إدلب الجنوبي بين الساعة 5:45 والساعة 6:15 دقيقة من صباح يوم 3 تموز /يوليو 2021. تسبب القصف بمقتل طفلتين وإصابة والدهما ووالدتهما، إضافة لدمار شبه كامل لمنزلهما. بالنظر إلى محدودية المعلومات فإن الأرشيف السوري  غير قادر على تحديد نوع السلاح والجهة المسؤولة بشكل قاطع. رغم ذلك توحي المعلومات مفتوحة المصدر، والمعلومات التي جمعت من موقع التأثير وصور بقايا الذخيرة غير المنفجرة، إلى  أن قذيفة موجهة بالليزر على الأقل قد تكون استخدمت  في الهجوم، وأن الجهة الشرقية إلى الشمال الشرقي  من موقع التأثير قد تكون مصدراً محتملاً للقصف الذي تعرّض له المنزل في قرية بليون. كما تشير المعلومات التي تم تحليلها أعلاه، بما في ذلك اتجاه القصف، الموقع، والسلاح المستخدم المحتمل، إلى أن القوات السورية و/أو الروسية قد تكون مسؤولة عن هذا الهجوم.

logo

الأرشيف السوري

الأرشيف السوري هو مشروع مستقل تمامًا، لا يقبل الدعم المالي من الحكومات المتورطة بشكلٍ مباشر في النزاع السوري. نسعى للحصول على التبرعات من الأفراد لنتمكّن من الاستمرار بعملنا. يمكنكم دعمنا عبر صفحة باتريون الخاصة بالمشروع.

تبرّع
Mnemonicالأرشيف السودانيالأرشيف اليمنيukrainian archive
اشترك بقائمتنا البريدية