logo
الأرشيف السوري
logo
الأرشيف السوري

التحقيقات

منهجية التحقيق

١٩ نيسان ٢٠١٨

كيف تتبعنا الشحن غير القانونيّ لمواد تُستخدم في إنتاج السارين من بلجيكا إلى سوريا

اطبع المقال

في 18 أبريل 2018 كشف الأرشيف السوري و Knack عن معلومات مفادها أن بلجيكا انتهكت عقوبات الاتحاد الأوروبي على سوريا وفقًا لأمر استدعاء دعوى قضائية مقبلة. وجدت الجمارك البلجيكية أن ثلاث شركات فلمنكية (Flanders) قامت بتصدير 168 طن من الأيزوبروبانول بتركيز 95٪ أو أعلى إلى سوريا منذ دخول العقوبات حيز التنفيذ في سبتمبر 2013، وذلك من دون الحصول على تراخيص التصدير المناسبة.

عمل الأرشيف السوري مع الفريق الإخباري البلجيكي Knack على هذا التحقيق طيلة العام الماضي. تم الحصول على جميع المعلومات بشكل علني أو تعاوني من خلال البحث في قواعد البيانات المتوافرة على الإنترنت للعموم، تقديم طلبات حرية المعلومات، وطلب إفادات من السلطات والمحاكم والشركات المعنيّة.

توثق هذه المقالة بعض مناهج التحقيق مفتوح المصدر المستخدمة في تحقيقنا، والتي كشفت العديد من المعلومات الأساسيّة.

إحصائيّات التجارة العالمية

بدأنا في فريق الأرشيف السوري تحقيقنا عقب هجوم سارين في أبريل الماضي على خان شيخون؛ وكانت منظمة منع الأسلحة الكيميائية (OPCW)، والتي تراقب التقيّد باتفاقية الأسلحة الكيميائية، قد قامت بفحص عيّنات من داخل ومحيط الحفرة الناجمة عن الاصطدام في خان شيخون، ووجدت في الفحوص المخبريّة أن الأيزوبروبانول قد استُخدم في إنتاج السارين المستعمل في الهجوم.

راجعنا قاعدة بيانات الأمم المتحدة لتحديد ما إذا كان قد تم الإبلاغ عن إرسال أية شحنات من الأيزوبروبانول، وهي مادة كيميائية خاضعة للعقوبات، من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى سوريا بعد تطبيق العقوبات عام 2013.

تجمع قاعدة بيانات الأمم المتحدة، التي تنسقها شعبة الإحصاءات في الأمم المتحدة، إحصاءات تجارية شهرية وسنوية لأكثر من 170 دولة، وتعرض هذه الأرقام على الإنترنت بصيغة قابلة للتنزيل و التصنيف والاستعلام. على نحو مشابه، استخدم فريق OCCRP (مشروع الإبلاغ عن الجريمة والفساد المنظّمَين) قاعدة بيانات الأمم المتحدة في تحقيقهم حول مبيعات الأسلحة الكرواتية التي تم تحويلها إلى سوريا.

فيما يلي جولة في البحث الذي أجريناه على قاعدة بيانات Comtrade.

من المحتمل أن تكون الكميات المُبلغ عنها لقاعدة بيانات الأمم المتحدة أقل من أرقام الصادرات التجارية الحقيقية بسبب الانحياز الذاتي في الإبلاغ، على الرغم من ذلك؛ تشير الأرقام إلى أنه منذ عام 2014 تم تصدير ما يقدر بـ 1.28 مليون كيلوغرام من البروبانول والأيزوبروبانول من قِبل بلدان مختلفة إلى سوريا (كل من البروبانول والأيزوبروبانول مسجلان تحت نفس الرمز). انظر أدناه:

*المصدر: UN Comtrade. تقرير احصائي حول مادتي الأيزوبروبانول والبروبانول التي صدّرتا لسوريا بالكيلوغرام من عام 2013 إلى عام 2017*

التمييز بين البروبانول والأيزوبروبانول أمر ضروري. فخلافًا للبروبانول، يعتبر الأيزوبروبانول بتركيز 95 ٪ أو أعلى ممنوعًا من دون موافقة مسبقة.

جامعو البيانات

من أجل معرفة ما إذا كانت الأرقام المقدّمة من Comtrade تشير إلى البروبانول أو الأيزوبروبانول ، اتصلنا بفرع الإحصاء التجاري التابع لشعبة الإحصاءات في الأمم المتحدة في أبريل 2017 للاستفسار عما إذا كان من الممكن فصل الأرقام. أكدت Comtrade أنه ليس لديها سوى رمز واحد يُستخدم لكل من البروبانول و الإيزوبروبانول (HS 290512). نتيجة لذلك، كان فصل أرقام الأيزوبروبانول عن أرقام البروبانول ضمن إحصائيات Comtrade غير ممكن.

في مايو 2017 ، طلبنا معلومات إضافية من فريق التدابير التقييدية في قسم المفوضية الأوروبية لأدوات السياسة الخارجية؛ لمعرفة ما إذا كانت أية دولة عضو قد سعت للحصول على ترخيص بتصدير الأيزوبروبانول إلى سوريا. في جوابهم ، ذكرت المفوضية الأوروبية أنهم “ليسوا في موضع يسمح لهم بتقديم المشورة حول ما إذا كان منتج معيّن يندرج تحت المواصفات الفنية لملحق لائحة ما” وأن “مسؤولية تطبيق معايير الاتحاد الأوروبي في التقييد تقع على عاتق السلطات المختصة لكل دولة عضو، على النحو الوارد في المرفق الثالث من اللائحة 36/2012.

من خلال قاعدة بيانات Comtrade؛ وجدنا أن بلجيكا كانت الدولة العضو الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي تواصل تصدير البروبانول/الأيزوبروبانول إلى سوريا منذ دخول العقوبات حيز التنفيذ عام 2013 ، لذلك قررنا تركيز الجهود على التحقيق حول بلجيكا.

المحاكم والصناعة

نتيجة لعوائق منعت تقدّمنا في هذا التحقيق، وحاجتنا لخبرات من داخل البلد، تواصلنا مع المراسل الاستقصائي كريستوف كليريكس من مجلة Knack الأسبوعية البلجيكية. رغب كليركس في معرفة ما كان يجري بعيدًا عن الرأي العام، وبدأ في تقديم طلبات حرية المعلومات إلى مختلف الجهات في بلجيكا.

تنقسم بلجيكا إلى ثلاث مقاطعات: فلاندرز، بروكسل؛ و والونيا. وكلّ منها تتبع سياسة حرية معلومات خاصة بها. في فلاندرز (Flanders)، يتم نشر المعلومات حول تراخيص التصدير من قبل السلطات شهريًا في وثائق عامة. لذلك قدم كليركس طلبات حرية المعلومات إلى المنطقتين الأخريين.

كان ردّ بروكسل ووالونيا على طلبات حرية المعلومات بتصريح مفاده أنه لم يتم طلب أية تراخيص للموافقة على تصدير الأيزوبروبانول إلى سوريا خلال الفترة الممتدة ما بين 2013 إلى 2017.

بعد تلقي تلك الإجابات، اتصل كليركس بـ Essenscia، المنظمة البلجيكية الجامعة في القطاع الكيميائي. بعد انتظار ردهم لمدة ستة أشهر ، صرحت Essenscia أنه بعد البحث المكثف والتشاور مع الجهات المعنية ذات الصلة، يبدو أن “تصدير (إيزو)بروبانول من بلجيكا إلى سوريا يرتبط بشركة تجارية قامت بشراء المنتج في الخارج، ومن ثم استلامه وتصديره عبر بلجيكا. “يواصل البيان شرحه (التأكيد ورد في النص الأصلي)

“ليس لدينا أي دليل على الإطلاق على أن الـ(إيزو)بروبانول المصدّر إلى سوريا قد تم إنتاجه أو شحنه من قبل شركة كيميائية موجودة في بلجيكا. علاوة على ذلك ، فقد تمّت الموافقة بالكامل على السلع المصدّرة من قبل السلطات الجمركية التي تراقب بشدة أي تجارة مع سوريا منذ عدة سنوات. كل هذا يشير إلى أن بلدنا وصناعتنا، واللتين تدعمان معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) بكل الطرق الممكنة، لا يمكن ربطهما بالحادث الذي لا يطاق في سوريا”.

وثائق المحكمة التي استُلمت في الأشهر اللاحقة أثبتت عدم دقّة البيان أعلاه.

كشفت وثيقة متاحة للعلن عُثر عليها من قبل خبير بلجيكي استشاره كليركس؛ أنه في أكتوبر / تشرين الأول 2016 في منطقة فلاندرز، رفضت السلطات طلب ترخيص، مما منع تصدير ما قيمته 1.93 مليون يورو من المواد الكيميائية مزدوجة الاستخدام المحظورة إلى سوريا، المحددة بموجب الملحق التاسع من العقوبات الأوروبية على سوريا. أكدت الحكومة الفلمنكية بأن هذه الحالة لا صلة لها بـ الأيزوبروبانول.

أكدت الجمارك البلجيكية أنه قد تم إرسال شحنات (أيزو)بروبانول إلى سوريا بالفعل ، على الرغم من أن أرقام البروبانول والأيزوبروبانول لم تكن منفصلة.

ووفقاً للاستدعاءات التي أشار إليها القاضي رولاند كاسييرس المسؤول عن التواصل مع الإعلام بمحكمة جنايات أنتويرب؛ فإن الجمارك البلجيكية تتابع حالياً قضية جنائية ضد ثلاث شركات وشخصين. من المقرر أن تبدأ هذه الدعوى في 15 مايو 2018.

كشف التحقيق الذي أجريناه طوال العام العديد من المعلومات الأساسية التي تم الحصول عليها من خلال تقنيات التحقيق مفتوح المصدر. سوف يستمر الأرشيف السوري جنبا إلى جنب مع Knack لمتابعة وتوثيق ما تتكشّف عنه القضية.

logo

الأرشيف السوري

الأرشيف السوري هو مشروع مستقل تمامًا، لا يقبل الدعم المالي من الحكومات المتورطة بشكلٍ مباشر في النزاع السوري. نسعى للحصول على التبرعات من الأفراد لنتمكّن من الاستمرار بعملنا. يمكنكم دعمنا عبر صفحة باتريون الخاصة بالمشروع.

تبرّع
Mnemonicالأرشيف السودانيالأرشيف اليمنيukrainian archive
اشترك بقائمتنا البريدية