الكشف عن قوة البيانات مفتوحة المصدر: منهجية الأرشيف السوري

في عصر يتسم بالترابط الرقمي، امتلأت حياتنا اليومية بالمعلومات المتاحة بسهولة على شاشاتنا وهواتفنا. قد تكونون سمعتم بمصطلح “البيانات مفتوحة المصدر”، خاصة في عالم وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن ما هي البيانات مفتوحة المصدر؟ وما هي أهميتها؟

تشير البيانات مفتوحة المصدر إلى المعلومات المتاحة للجمهور، وغالباً ما توجد على الإنترنت. يشمل ذلك كمية كبيرة من المحتوى، بما في ذلك منشورات مواقع التواصل الاجتماعي ومقاطع الفيديو و مصادر متنوعة على شبكة الإنترنت، ويمكن لأي شخص الوصول إليها بدون قيود.

تخيل الإمكانات المتاحة لاستخدام هذه الكمية الضخمة من البيانات في التحقيقات مفتوحة المصدر من قبل المحققين، خاصةً في المواقع الخطرة أو المناطق التي يصعب الوصول إليها. تصبح هذه البيانات مصدرًا حيويًا للصحفيين المستقلين، ووكالات الأنباء الدولية، وهيئات التحقيق التابعة للأمم المتحدة  ومنظمات حقوق الإنسان العالمية.

تخيل هذا السيناريو: إن مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي قد يصبح دليلًا مهمًا بين مجموعة أدلة في قضية انتهاك حقوق الإنسان أو جريمة الحرب.

وهنا يكمن دور الأرشيف السوري. نحن نستخدم المحتوى الموثق للمساعدة في بناء القضايا الجنائية والبحث في انتهاكات حقوق الإنسان. يحتفظ الأرشيف السوري بعناية بالوثائق مفتوحة المصدر المنشورة من قبل صانعي المحتوى على مواقع التواصل الإجتماعي و الشهود والضحايا، مما يتيح تخليد الذاكرة و تمهيد الطريق للعدالة والمساءلة.

تعرف على منهجيتنا:

1 - الجمع

يقوم الباحثون بتحديد وجمع المعلومات المفتوحة المصدر ذات الصلة بأهداف الأرشيف السوري من خلال ثلاث عمليات عبر الإنترنت:

• الرصد العام: يقوم الباحثون بأنشطة الرصد بما يتماشى مع أهداف البرنامج ويحتفظون بسجل مكتوب ومحدث للمواقع والحسابات التي تم رصدها.
• البحث: يُجرَى البحث لمشاريع بحثية محددة أو طلبات. ويجمع الباحثون جميع المعلومات مفتوحة المصدر وذات الصلة المحتملة والتي يمكن العثور عليها عبر الإنترنت. 
• الحفظ التلقائي: يحتفظ الأرشيف السوري “بكتاب مصادر” يتضمن قنوات وحسابات تقوم بانتظام بنشر معلومات ذات صلة ويؤرشف محتواها بشكل تلقائي. يتم مراجعة وتحديث قائمة المصادر هذه بشكل منتظم.

ثم يتم تقديم جميع المعلومات المجمعة من خلال عمليات الرصد والبحث لحفظها.

2- الحفظ/ الأرشفة

تضمن أدواتنا ومنهجية الجمع والأرشفة الآمنة عدم فقدان المحتوى إذا تمت إزالته من شبكة الإنترنت.

يقدم باحثو الأرشيف السوري المحتوى للحفظ بواسطة أداتنا “ديوان”، التي تم إنشاؤها وصيانتها من قبل فريق نيمُنك التقني. تم تطوير هذا النظام بالتعاون مع آليات المساءلة ومنظمات أرشيفية أخرى ومحامين وصحفيين. الحفاظ على المحتوى بهذه الطريقة يساعدنا في تأمين نزاهة البيانات وإثبات موثوقية سجلات الأرشيف - وهما جانبان ضروريان إذا أردنا استخدام الأرشيف كدليل.

يتم بعد ذلك توفير السجلات المؤرشفة والبيانات الوصفية لكل رابط للباحثين من خلال منصة الفهرست. تم تصميم هذه المنصة خصيصًا لتسهيل تحليل المعلومات وبناء الأراشيف.

3- التحليل

في مرحلة التحليل، يقوم باحثو الأرشيف السوري بثلاث مهام رئيسية: التحقق، التحليل الاستقصائي، وتحليل البيانات.

يتضمن التحقق والتحليل الاستقصائي فحوصات مفصلة وتقنية للمعلومات المجمعة لتقييم موثوقيتها. غالبًا يكون ذلك من أجل الإجابة على الأسئلة الرئيسية في أي تحقيق: أين، متى، ماذا، مَن، وكيف؟

إن إضافة الوسوم والبيانات التحليلية تساعد على تنظيم الأرشيف بوساطة معلومات ذات مغزى للكشف عن أنماط مفيدة في البيانات. من خلال وسم المواد المؤرشفة بمعلومات رئيسية، يمكن لباحثي الأرشيف السوري الكشف عن ما هو متداول والأنماط الشائعة في المعلومات المجمعة.

يمكن أن يدعم الأرشيف المنظم بشكل جيد تحليل بيانات عن:

• المتداول جغرافيا وزمانيًا
• استراتيجيات الجناة
• هياكل القيادة ومناطق العمليات ورسم خرائط الجهات الفاعلة الأخرى
• أنماط الحوادث أو الجرائم الرئيسة
• أنماط المؤشرات الظرفية للانتهاكات الأقل توثيقًا في المعلومات المفتوحة، مثل العنف الجنسي
• معلومات قد تؤكد أو تنفي إفادات الشهود
• العناصر السياقية للجرائم الدولية
• وغيرها

4- النشر والمشاركة

يتم تقديم البحث الناتج بطرق متنوعة مثل التحقيقات العامة، وقواعد البيانات العامة، ومذكرات نتائج البحث، وتقارير التحقيق، وغيرها.

--

إن التزام الأرشيف السوري بالتحقيق في المصادر المفتوحة، المدعوم بمنهجية قوية وصارمة، يجسد التغييرات الجوهرية الممكنة للاستفادة من البيانات الرقمية لتحقيق العدالة والمساءلة.